Friday, June 18, 2010

ألا تجلسينَ قليلاً - نزار قباني

ألا تجلسينَ قليلاً
ألا تجلسين؟
فإن القضية أكبرَ منكِ.. وأكبرَ مني
كما تعلمين

وما كان بيني وبينكِ
لم يكُ نقشاً على وجه ماء
ولكنه كان شيئاً كبيراً كبيراً
كهذي السماء
فكيف بلحظةِ ضعفٍ
نريد اغتيالَ السماء؟

ألا تجلسين لخمس دقائقَ أخرى؟
ففي القلب شيءٌ كثير
وحزنٌ كثيرٌ
وليس من السهل قتلُ العواطف في لحظات
وإلقاءُ حبكِ في سلةِ المهملات
فإن تراثاً من الحبِ.. والشعرِ.. والحزن
والخبز.. والملحِ.. والتبغ.. والذكريات
يحاصرنا من جميع الجهات
فليتكِ تفتكرينَ قليلاً بما تفعلين
فإن القضيةَ
أكبرُ منكِ.. وأكبرُ مني
كما تعلمين

ولكنني أشعر الآن أن التشنج ليس علاجاً
لما نحن فيهِ
وأن الحمامةَ ليست طريقَ اليقين
وأن الشؤون الصغيرة بيني وبينكِ
ليست تموتُ بتلك السهوله
وأن المشاعرَ لا تتبدلُ مثل الثياب الجميلهْ
أنا لا أحاولُ تغييرَ رأيكِ
إن القرارَ قرارُكِ طبعاً

ولكنني أشعر الآن أن جذورك تمتد في القلبِ،
ذاتَ الشمالِ ، وذات اليمين
فكيف نفكُّ حصارَ العصافير، والبحرِ،
والصيفِ، والياسمينْ
وكيف نقصُّ بثانيتين؟
شريطاً غزلناه في عشرات السنين
- سأسكب كأساً لنفسي
- وأنتِ؟
تذكرتُ أنكِ لا تشربين

أنا لست ضد رحيلكِ.. لكن
أفكر أن السماء ملبدةٌ بالغيوم
وأخشى عليكِ سقوطَ المطر
فماذا يضيركِ لو تجلسين؟
لحين انقطاع المطرْ
وما يضيركِ؟
لو تضعينَ قليلاً منَ الكحل فوق جفونكِ
أنتِ بكيتِ كثيراً
ومازال وجهكِ رغم اختلاط دموعك بالكحل
مثلَ القمرْ

أنا لست ضدّ رحيلكِ
لكنْ
لديَّ اقتراح بأن نقرأ الآن شيئاً من الشعرِ.
علَّ قليلاً من الشعرِ يكسرُ هذا الضجرْ
... تقولينَ إنكِ لا تعجبين بشعري!!
سأقبل هذا التحدي الجديدْ
بكل برودٍ.. وكل صفاء
وأذكرُ
كم كنتِ تحتفلينَ بشعري
وتحتضنينَ حروفي صباحَ مساءْ
وأضحكُ
من نزواتِ النساء
فليتكِ سيدتي تجلسين
فإن القضية أكبر منكِ .. وأكبرُ مني
كما تعلمين

أما زلتِ غضبى؟
إذن سامحيني
فأنتِ حبيبةُ قلبي على أي حال
سأفرضً أني تصرفتُ مثل جميع الرجال
ببعض الخشونهْ
وبعض الغرورْ
فهل ذاك يكفي لقطع جميع الجسورْ؟
وإحراقِ كل الشجر

أنا لا أحاول ردَّ القضاء وردَّ القدر
ولكنني أشعر الآنَ
أن اقتلاعكِ من عَصَب القلب صعبٌ
وإعدام حبكِ صعبٌ
وعشقكِ صعبٌ
وكرهكِ صعبٌ
وقتلكِ حلمٌ بعيد المنالْ
فلا تعلني الحربَ
إن الجميلاتِ لا تحترفن القتالْ
ولا تطلقي النارَ ذات اليمين،
وذاتَ الشمال
ففي آخر الأمرِ
لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجال
لا تستطيعي اغتيالَ جميع الرجالْ

Friday, June 11, 2010

هذه بلاد لم تعد كبلادي......فاروق جويدة

هذه بلاد لم تعد كبلادي......فاروق جويدة
-------------------------------------------------
كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي

أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي

لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا

غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد

هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه

قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ

قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي

أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ

أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي

لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي

أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي

يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي

أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا

صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ

اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي

غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي

فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ

وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ

وَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ

نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ

هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا

وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ

لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي

تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ

فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي

تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ

لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا

حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي

لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ

وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ

وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا

بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ

مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ

مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ

تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا

وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ

شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا

ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي

أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا

بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ

لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ

وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ

لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي

عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي

فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ

كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي

الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ

خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ

تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا

والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي

نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ

وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ

وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ

فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ

أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا

كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ

البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا

تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ

حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً

وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي

هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي

وَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ"مِلـْح ٍزَادِي

رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ

مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي

وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ

حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ

شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا

للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ

كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا

وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي

مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا

وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي

عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا

وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ

كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا

وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!

في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْ

حَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِ

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي

وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ

قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ

وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي

وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:

هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي




YouTube Link: http://www.youtube.com/watch?v=uHY05ic4Pr4&feature=player_embedded

Monday, June 7, 2010

أشهد أن حبك عيد - غادة السمان

أشهد أن حبك عيد..غادة السمان
---------------------------------------------------
في أي غرف بيتك تقع صور حبيباتك
لأعلق لهن الأزهار و زينات العيد؟
اعذرني ..حبي لك غير متحضر
يجهل الغيرة و شهية التملك ..
انه عفوي ..بدائي ..ساذج ..بسيط كالمطر
ينخرط في قبيلة عشقك
دونما طقوس و مراسيم
أو اوسمة او فواتير او دموع 
*****
افترشت الغربة و التحفت بحبك
فوجدتني في وطني
أي بركان جميل يرحب بي ؟
و عاصفة الألعاب النارية تغطي الكواكب
و أمد يدي لأقطف نجمة
و أكتشف معك
طائرا نسيته قبيلتنا منذ دهور اسمه الفرح ..
*****
اسمك السر و حبك عيد
شارباك انفراجة ابتسامة الاجداد
ذراعاك ارجوحة نسيان
و داخل عينيك دروب أركض فيها الى الطفولة
و بحيرات كالمرايا أمشي فوق مياهها و لا أبتل
سعيدة لأننا نتحرك في مجرة واحدة
و لأنني مررت يوما بمدارك و لم أرتطم بكوكبك ..و أحترق
سعيدة لمجرد أنك موجود
و يكفينني أنني عرفتك... و أحببتك..
و اعرف اسماء زوجاتك و محظياتك ..
و اعرف تضاريس عمرك الشرسة ووهاد مزاجك .. و أحبك
ما كان بوسعي ان احب سبورة ممسوحة
جديدة لا خدش فيها و لا طعنة ذكرى 
*****
أحبك لأنني عرفت معك شيئا جديدا غريبا عني
اسمه الفرح
كل اللذين احببتهم قبلك
صنعوا لي قفصا وسوطا و لجاما ..
و مقصا لأجنحتي و كمامة لأغاني الغجرية في أعماقي ..
فصار الهوى معتقلا و الحوار محاكمة
و علموني الحزن و القسوة و اللامبالاه
و الغدر و السخرية المصفرة ..
معك التقيت الشمس صافحت الضحك راقصت البراءة
و قدمت اوراق اعتمادي الى الشروق ..
و اكتشفت كم همسك الازرق جميل عند الفجر 
*****
لأن الحب حالة متحركة
لأن الحب ليس تدجينا للصدق و تزويرا للعمر
احبك كما انت داخل اطارك
و احب حكايا حبك لسواي
مباركة لحظات حنانك الشفاف و لحظات جنونك ...
مباركة عيون المراة التي ستحب بعدي
و التي أحببت قبلي ..
مباركة همساتكما معا ..
مبارك اشتعالك بالحب أيا كان الإناء !..
فأنا لن أفهم يوما
لماذا يجب ان يحولني الحب
الى مؤسسة مكرسة لتخريبك
و التجسس عليك
و شبكة ارهابية تحصي همساتك ..
لا أفهم لماذا يجعل الحب بعض العشاق
اعداء لمخلوقات هذا الكوكب كله حتى الحبيب !!
*****
أن احبك يعني ان اتصالح و القمر
و الاشجار و الفرح و العصافير
و العيد في وطني
ان احبك يعني انني اعلنت هدنة مع الحزن
و اعدت علاقاتي الدبلوماسية
و رقصة الليل في دمي ...
*****
لا تعتب على صمتي فاللغة ( ديكور ) العواطف ..
و بعيدا عن وحل الكلمات
كبر حبي لك
زهرة مائية غامضة تتغذى بالليل و السكون ...
و ضوء القمر المتأجج فضة ..
و ثمار غابات العذوبة...
و تعال نكتشف معا ( وحدة قياسية ) للحب
غير التدمير المتبادل و جنون الامتلاك ..
*****
حبك سعادة مقطرة ..أفراحك مباركة
في قلبي الذي يجهل رعونة الغيرة ...
وحده الموت يثير غيرتي اذا انفرد بك !..
*****
أتمنى ان اكون ضوءا في اعماقك
و لا اشتهي تبديل تضاريس المصباح
فهل تقبل حبي ؟
و تمنحني تأشيرة دخول الى دورتك الدموية ؟
*****
ابق كما انت ..عيدا
ستسعد بك النساء جميعا
بدل من أن تتعس امرأه واحدة !..